تقرير طبي مفصل يكشف ما تكشفه الأبحاث العالمية الحقيقية عن دور أوميغا 3 في صحة القلب والشرايين
انتشرت في الفترة الأخيرة مقولات جريعة على وسائل التواصل الاجتماعي تصف زيت السمك (أوميغا 3) بأنه “درع حماية من الجلطات” و”مقوٍ للشرايين” بسرعة خيالية. ولكن ما هي الحقيقة العلمية وراء هذه الادعاءات؟ وما الذي تؤكده فعلاً الهيئات والمؤسسات الطبية العالمية الموثوقة؟
خلاصة طبية مهمة أولاً
تشير الأدلة الحالية من مصادر مثل مايو كلينك إلى أن تناول مكملات زيت السمك له فوائد محدودة أو منعدمة في الحد من خطر الإصابة بأمراض القلب بشكل عام لدى عامة الناس. فوائدها الأكثر وضوحاً هي خفض مستويات الدهون الثلاثية المرتفعة. كما أنه ليس هناك دليل واضح على أنها تمنع النوبات القلبية أو السكتات الدماغية.
ما هو زيت السمك والأوميغا 3؟
زيت السمك هو مصدر غني بنوعين رئيسيين من أحماض أوميغا 3 الدهنية: حمض الإيكوسابنتاينويك (EPA) وحمض الدوكوساهيكسانويك (DHA) . هذه الأحماض “أساسية”، أي أن الجسم لا يستطيع تصنيعها ويجب الحصول عليها من الغذاء .
فوائد زيت السمك المدعومة علمياً
إليك أبرز الفوائد التي تدعمها الأبحاث والأدلة الطبية الموثوقة:
1. خفض الدهون الثلاثية المرتفعة
هذه هي الفائدة الأكثر قوة ووضوحاً. يمكن لجرعات عالية من أوميغا 3 (3-4 جرام يومياً) أن تخفض مستويات الدهون الثلاثية بشكل كبير.
2. صحة القلب والأوعية الدموية (بشروط)
تشير الأبحاث إلى أن تناول الأسماك الغنية بأوميغا 3 مرتين أسبوعياً يرتبط بانخفاض خطر الوفاة بأمراض القلب. قد يساعد زيت السمك في تحسين بعض عوامل الخطر مثل:
- خفض ضغط الدم بشكل طفيف، خاصة لمن يعانون من ارتفاع متوسط إلى شديد .
- تحسين وظيفة البطانة الداخلية للأوعية الدموية.
- تقليل الالتهابات في الجسم.
3. فوائد أخرى محتملة
- التهاب المفاصل الروماتويدي: قد تساعد في تخفيف الألم والتيبس الصباحي
- الصحة النفسية والدماغ: قد تلعب دوراً في الحفاظ على صحة الدماغ مع التقدم بالعمر، وتحسين بعض أعراض الاكتئاب.
- النمو العصبي للأطفال: يعتبر DHA مهماً للنمو البصري والعصبي عند الرضع.
الادعاءات غير المثبتة أو المبالغ فيها
- “درع حماية من الجلطات”: بينما قد تؤثر أوميغا 3 على عوامل التخثر، لا يوجد دليل قاطع على أنها تمنع الجلطات أو السكتات الدماغية كـ”درع” فعال. بل إن تناول جرعات عالية جداً قد يزيد من خطر النزيف.
- “علاج سحري وسريع”: التأثيرات على عوامل مثل الدهون الثلاثية تحتاج لأسابيع أو أشهر من الاستخدام المنتظم، وليس أياماً.
- “بديل عن الأدوية أو نمط الحياة الصحي”: لا يمكن لمكملات زيت السمك أن تحل محل نظام غذائي صحي، أو رياضة، أو أدوية القلب الموصوفة من الطبيب.
المصادر الغذائية: الأفضل دائمًا
يوصى دائماً بالحصول على أوميغا 3 من المصادر الغذائية الطبيعية أولاً وقبل اللجوء للمكملات.
| المصدر | الأمثلة | ملاحظات |
|---|---|---|
| الأسماك الدهنية (غنية ب EPA و DHA) | السلمون، الماكريل، السردين، التونة، الرنجة، الأنشوجة. | يُنصح بتناول حصتين (نحو 200-300 جم) أسبوعياً. يفضل المشوي أو المخبوز، وليس المقلي. |
| المصادر النباتية (غنية بـ ALA) | بذور الكتان وزيتها، الجوز، بذور الشيا، زيت الصويا، زيت الكانولا. | يحول الجسم جزءاً صغيراً فقط من ALA إلى EPA و DHA الفعالين. |
نصائح للاستخدام الآمن للمكملات
- استشر الطبيب أولاً: خاصة إذا كنت تعاني من حالة مرضية (قلب، سكري، ضغط) أو تتناول أدوية أخرى (مميعات الدم مثل الوارفارين).
- اختر جرعة مناسبة: الجرعات العلاجية لخفض الدهون الثلاثية (3-4 جم/يوم) يجب أن تكون تحت إشراف طبي. الجرعات العامة للصحة قد تكون 1-1.5 جم/يوم.
- انتبه للآثار الجانبية: مثل طعم السمك في الفم، رائحة الفم الكريهة، اضطرابات هضمية بسيطة، أو خطر النزيف مع الجرعات العالية.
- تحقق من الجودة: اختر مكملات من شركات موثوقة لضمان نقائها وخلوها من الملوثات.
الخلاصة: نظرة متوازنة
زيت السمك (أوميغا 3) ليس “حبة سحرية” تضمن صحة القلب أو تمنع الجلطات بين عشية وضحاها. إنه مكمل غذائي ذو فوائد محددة وواضحة، أهمها دعم خفض الدهون الثلاثية. الحكمة تكمن في اتباع نهج متكامل: نظام غذائي صحي غني بالأسماك والخضروات، نشاط بدني منتظم، متابعة طبية منتظمة، واستخدام المكملات فقط عند الحاجة وباستشارة الطبيب.
