في وقت تتصدر فيه قواعد النظافة الشخصية أولويات الصحة العامة، تبرز سنة نبوية شريفة كإحدى الركائز الأساسية للوقاية من العديد من الأمراض والمشاكل الصحية. لقد حث النبي محمد ﷺ على حلق شعر العانة وجعل أقصى مدة لتركه 40 يوماً فقط، في توقيت دقيق يحمل في طياته حكماً عظيمة تؤكدها الدراسات الطبية الحديثة. فما الذي يحدث للجسم عند تجاهل هذه السنة؟ ولماذا حدد الرسول ﷺ هذه المدة بالذات؟
النصوص الشرعية: ما ورد في السنة عن حلق شعر العانة ومدة الأربعين يوماً
تعد إزالة شعر العانة part of سنن الفطرة التي حث عليها الإسلام. فقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: “وُقِّتَ لَنَا فِي قَصِّ الشَّارِبِ، وَتَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ، وَنَتْفِ الْإِبِطِ، وَحَلْقِ الْعَانَةِ، أَنْ لَا نَتْرُكَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً” .
ويوضح العلماء أن المقصود بـ “وُقِّتَ لَنَا” هو التوقيت النبوي، أي أن النبي ﷺ هو من حدد هذه المدة . وقد جاءت روايات أخرى للحديث بلفظ “أَرْبَعِينَ يَوْمًا” ， مما يؤكد أن المقصود هو المدة الزمنية بغض النظر عن حساب الليالي أو الأيام.
رأي العلماء: ماذا يعني عدم تجاوز الأربعين يوماً؟
أجمع العلماء على أن تحديد الأربعين يوماً هو أقصى مدة يمكن ترك شعر العانة فيها، وليس معنى ذلك انتظار انقضاء الأربعين يوماً قبل إزالته.
- أقصى حد للترك: يقول الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم: “معناه: لا يترك تركاً يتجاوز الأربعين، لا أنهم وقت لهم الترك أربعين” . وهذا يعني أنه من المستحب التعاهد وإزالة الشعر قبل أن تصل المدة إلى هذا الحد.
- الضبط بالحاجة: يرى العديد من العلماء أن الأمر يضبط بالحاجة وطوله، فمتى ما طال الشعر وجب إزالته، ولا داعي لانتظار مدة معينة إذا دعت الحاجة للإزالة قبل الأربعين .
المخاطر الصحية: ماذا يحدث عند إهمال حلق شعر العانة بعد الأربعين يوماً؟
إهمال إزالة شعر العانة بعد المدة التي حددها الرسول ﷺ يعرض الجسم لمخاطر صحية كبيرة، منها:
- تراكم الأوساخ والبكتيريا: يعمل الشعر الكثيف في منطقة العانة على حبس العرق والرطوبة، مما يخلق بيئة مثالية لتكاثر البكتيريا والفطريات، وهو ما يؤدي إلى الالتهابات الجلدية والإصابة بالروائح الكريهة .
- انتقال القمل والطفيليات: يمكن أن يصبح الشعر الطبيـن بيئة ملائمة للقمل والعث وغيرهما من الطفيليات التي تسبب الحكة الشديدة والعدوى .
- إعاقة الطهارة: من الحكم الأساسية لإزالة شعر العانة هي النظافة وتعزيز الطهارة، حيث أن الشعر الكثيف قد يمنع وصول الماء إلى البشرة بشكل كامل أثناء الاغتسال، مما يؤثر على صحة الوضوء والغسل .
الحكمة من التوقيت: لماذا 40 يوماً بالذات؟
يؤكد الدكتور محمد حسان أن في تحديد النبي ﷺ لهذه المدة إعجازاً علمياً ونبؤة طبية، حيث أن دورة النمو الطبيعي لشعر العانة تستغرق حوالي 40 يوماً لينمو من جديد بعد حلقه. وبعد هذه الفترة، يبدأ الشعر الطويل الجديد في التقصف والتساقط تلقائياً، مما يزيد من فرص تراكم الخلايا الميتة وتكاثر البكتيريا في جريبات الشعر .
الخلاف الفقهي: ما حكم تجاوز الأربعين يوماً دون إزالة؟
اختلف العلماء في حكم ترك إزالة شعر العانة بعد الأربعين يوماً على قولين رئيسيين:
- القول الأول: الكراهة: ذهب الشافعية والحنابلة إلى كراهة ترك إزالة شعر العانة لأكثر من أربعين يوماً، مستدلين بالحديث السابق، لكنهم لم يصلوا إلى درجة التحريم .
- القول الثاني: التحريم: ذهب الحنفية وبعض أهل العلم إلى تحريم تجاوز الأربعين يوماً دون إزالة لهذا الشعر. واختار هذا الرأي الشيخ ابن باز رحمه الله، حيث رأى وجوب إزالة هذه الأشياء قبل مرور الأربعين .
أقرأ ايضاً:- لماذا خلق الله الشعر الموجود حول الأعضاء التناسلية..؟ و ما هى اهميته..! و ما هى المفاجأة التي كشفها العلم الحديث
الطريقة المثلى: كيف يمكن إزالة شعر العانة؟
أجاز الفقهاء عدة طرق لإزالة شعر العانة، وجعلوا الحلق هو الأفضل ضمنها، لكن ذلك ليس شرطاً، فيمكن الإزالة بأي طريقة متاحة:
- الحلق: باستخدام موس الحلاقة، مع الانتباه لسلامة الجلد.
- النتف: وهو مكروه لمن يشق عليه ويسبب ألماً كبيراً .
- النورة: وهي مادة كاوية تستخدم لإزالة الشعر.
- المقص: لقَص الشعر دون إزالته من الجذور.
خاتمة
ما أوجده النبي ﷺ قبل أكثر من 1400 عام، تؤكده today الدراسات الطبية وقواعد الصحة العامة. إن الالتزام بحلق شعر العانة داخل المدة النبوية ليس فقط امتثالاً لأمر ديني، بل هو درع وقاية من أمراض جلدية ومشاكل صحية قد لا يحمد الإنسان عقباها. فالحفاظ على هذه السنة هو حفاظ على الصحة، وتنفيذ لأمر النبي ﷺ، وتحقيق لمعنى النظافة الذي هو جزء من الإيمان.
