
فيما يشبه استدعاءً واعياً لأجواء “السواريه” الفاخرة وأمسيات الطرب الأصيل، يُعيد فيلم “الست” إحياء طقساً ثقافياً مهيباً. الفيلم، الذي يجسد سيرة كوكب الشرق أم كلثوم، لا يقدم مجرد قصة حياة، بل يخلق “ميثاقاً فنياً” جديداً مع الجمهور، يدعوه للوفاء لرصانة الفن ولحضور “الست” الذي يرفض مغادرة الوجدان العربي. اختيار يوم الخميس لعرضه الأول ليس صدفة، بل هو عودة مقصودة إلى “عاصمة الوجدان العربي” الذي كان يتوقف كل خميس أول من الشهر ليتلقى ترياقه من صوتها الخالد.
عروض عالمية واحتفاء نقدي وجماهيري
قبل انطلاقه في الصالات التجارية، شق فيلم “الست” طريقه عبر عدة محطات احتفائية لاقت ترحيباً كبيراً. فعُرض لأول مرة عالمياً ضمن فعاليات الدورة الـ22 من المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، حيث حظي باستقبال حار من الجمهور المغربي والنقاد، ووصفته النجمة العالمية الحائزة على الأوسكار تيلدا سوينتون الذي حضر العرض بأنه “شرف كبير” لها. وأعربت بطلة الفيلم منى زكي عن سعادتها البالغة بهذه التجربة المميزة وردود الفعل الجميلة.
وتوالت العروض الخاصة في القاهرة، حيث احتفل أبطال وصناع الفيلم بحضور كوكبة من نجوم الفن والإعلام، ثم في الرياض بالمملكة العربية السعودية، التي شهدت عرضاً احتفالياً فخماً على السجادة الحمراء بحضور جمهور كبير ونجوم الفن، برعاية صندوق بيج تايم وهيئة الترفيه السعودية. كما أشاد أفراد من عائلة أم كلثوم بالفيلم بعد عرض خاص في مصر، ووصفه حفيدها خالد الدسوقي بأنه “مشرف جداً” ويعتبر تخليداً لذكراها.
تفاصيل الفيلم: القصة والطاقم
قصة الفيلم: يتناول فيلم “الست” السيرة الذاتية للأسطورة أم كلثوم، مسلطاً الضوء على أبرز المحطات في حياتها الشخصية والفنية. يبدأ الفيلم أحداثه بمشهد مؤثر لأم كلثوم (منى زكي) وهي تستعد للغناء على مسرح “الأولمبيا” بباريس عام 1967، ليعود بعدها إلى البدايات القاسية التي شكلت ملامحها، من طفولتها في القرى مروراً بشراكاتها الفنية التاريخية مع الشاعر أحمد رامي والملحن محمد القصبجى، وصولاً إلى دورها الوطني والإنساني البارز، وتفاصيل علاقاتها العاطفية وتحدياتها السياسية.
طاقم الصناعة: الفيلم من سيناريو وحوار الروائي المصري أحمد مراد، وإخراج مروان حامد، وإنتاج مشترك بين عدد من المنتجين البارزين.
طاقم نجومي استثنائي لتجسيد الأسطورة
يضم فيلم “الست” مجموعة كبيرة من نجوم الفن العربي لتجسيد شخصيات محورية في حياة أم كلثوم، إضافة إلى مشاركة عدد كبير من الضيوف الشرف.
| الممثل/الممثلة | الدور |
|---|---|
| منى زكي | أم كلثوم (كوكب الشرق) |
| محمد فراج | الشاعر أحمد رامي |
| تامر نبيل | الملحن محمد القصبجى |
| سيد رجب | الشيخ إبراهيم البلتاجي (والد أم كلثوم) |
| كريم عبد العزيز | شريف باشا صبري (حبيب أم كلثوم) |
| عمرو سعد | الرئيس جمال عبد الناصر |
| نيللي كريم | الملكة نازلي |
| أحمد خالد صالح | خالد البلتاجي (شقيق أم كلثوم) |
| ضيوف شرف بارزون | أحمد حلمي، أحمد أمين، أمينة خليل، وآخرون |
لماذا الخميس؟ رمزية الميعاد وحضور “الست”
يمثل اختيار يوم الخميس 11 ديسمبر لعرض الفيلم في دبي والإمارات عبر صالات “ريل سينما” رمزية عميقة تتجاوز كونه موعداً عرضياً. فـ”الخميس الأول من كل شهر” كان موعداً مقدساً في الوجدان العربي، حيث كانت تتوقف الحياة تقريباً في البيوت العربية من المحيط إلى الخليج للاستماع إلى حفلة أم كلثوم الإذاعية المباشرة من القاهرة. كانت لهذه الأمسية سلطة روحية واجتماعية تفوقت حتى على المناسبات السياسية الكبرى، كما تجلت في حادثة إلغاء حفل استقبال النجمة العالمية فيفيان لي في أربعينات القرن الماضي لأن الشخصيات النافذة رفضت التغيب عن حفل “الست”.
بهذا الاختيار الدقيق، يؤكد صُنّاع العمل أنهم يقدمون أكثر من فيلم سيرة ذاتية؛ إنهم يعيدون إحياء طقس ثقافي جماعي كان جزءاً من نسيج الحياة العربية. كما يتزامن عرض الفيلم في ديسمبر مع شهر ميلاد أم كلثوم (الحادي والثلاثين من ديسمبر 1898)، ليصبح العرض احتفاءً مزدوجاً بذكراها وبقيمها الفنية الخالدة.
دعوة للجمهور: ارتداء الأناقة كفعل وفاء
ينقل المقال المنشور في البيان دعوة مميزة للجمهور، وخاصة جيل الألفية الذي عشق فن أم كلثوم دون أن يعيش حقبتها، للمشاركة في إكمال هذا “الميثاق الفني”. يدعو المقال المشاهدين إلى ارتداء أبهى البدلات والفساتين عند الذهاب لمشاهدة الفيلم، “وكأنكم ذاهبون لمقابلة الست شخصياً”. هذا الطقس – ارتداء الأناقة – يهدف إلى إحياء مهابة وحفلات السواريه التي كانت تحضرها أم كلثوم، حيث كانت تفرض على الحاضرين رصانة في المظهر والسلوك. إنه “فعل وفاء” من الجمهور للفن الرفيع، وتأكيد على أن الإخلاص لرصانة الأمس هو جواز حضورنا في قصة كوكب الشرق.










