بعد سنوات من الصمت: منى زكي تفضح أسرار تحديها الأكبر “دور أم كلثوم”

 

كشفت الفنانة المصرية منى زكي النقاب أخيراً عن تفاصيل التحدي الفني الأكبر في مسيرتها الحافلة، وهو تجسيد شخصية السيدة أم كلثوم في المسلسل الكوميدي الشهير “الكبير أوي”. في حديث خاص، وصفت زكي هذا الدور بأنه “الأصعب على الإطلاق”، ورغم ذلك كان سبباً مقنعاً لها لقبول المشاركة في العمل.

“لم أتردد لحظة عندما عرض عليّ أحمد مكي دور أم كلثوم. أعلم أنني سأواجه تحديًا جسيمًا، لكنني أردت أن أتحدى نفسي وأقدم شيئًا مختلفًا تمامًا للجمهور.”

لماذا كان دور “الست” الأصعب في مسيرة منى زكي؟

يبدو أن صعوبة الدور لم تكن في التنكر أو المظهر الخارجي فقط، بل تجاوزت ذلك إلى أعماق الشخصية التي تمثل أيقونة فنية خالدة في وجدان الملايين. تقول منى زكي: “أم كلثوم ليست مجرد مطربة، إنها رمز. كل حركة، كل نظرة، كل تفصيلة في شخصيتها محفورة في ذاكرة الجمهور العربي. التقليد السطحي كان سيكون إهانة لهذا التراث.”

 

التحدي الفني

لم يكن الهدف تقليد أم كلثوم في حفلاتها الرسمية، بل تخيل شخصيتها في الحياة اليومية، في مواقف كوميدية بحتة، وهو ما لم يسبق تقديمه.

 

التحدي الشكلي

استلزم الدور تحولاً جذرياً في المظهر، من النظارة المميزة إلى الحركات والإيماءات، مع الحاجة للحفاظ على جوهر الشخصية الأصلي.

 

تحدي التوازن

كان التحدي الأكبر هو الموازنة بين الكوميديا والاحترام. كيف تقدم شخصية تضحك الجمهور دون أن تمس بقدسية رمز مثل أم كلثوم؟

رحلة الإعداد: كيف استعدت منى زكي لهذا الدور الفريد؟

لم تترك منى زكي شيئاً للصدفة. انغمست في عالم “كوكب الشرق” لأسابيع قبل البدء في التصوير، في رحلة إعداد شاملة يمكن تتبعها عبر هذه المحطات:

المرحلة الأولى: الغوص في الأرشيف

قامت بمشاهدة عشرات الساعات من اللقطات النادرة والوثائقيات والمقابلات الخاصة بأم كلثوم، لا لمشاهدة حفلاتها فحسب، بل لمراقبة حركاتها اليومية وطريقة حديثها العفوية بعيداً عن الأضواء.

المرحلة الثانية: دراسة التفاصيل

ركزت على التفاصيل الدقيقة التي تميز “الست”: طريقة إمساكها للميكروفون، نظراتها الجانبية، ابتسامتها الخجولة، وحتى طريقة مشيها. كانت تبحث عن “الإنسانة” وراء الأسطورة.

المرحلة الثالثة: بناء الشخصية الكوميدية

بعد فهم الشخصية الحقيقية، بدأت عملية “تطويع” هذه السمات في قالب كوميدي، بالتعاون الوثيق مع مؤلف العمل وأحمد مكي، لضمان أن تكون الفكاهة ذكية ولطيفة ولا تسيء للرمز.

المرحلة الرابعة: البروفات والتنفيذ

أجرت عشرات البروفات أمام المرآة ومع المخرج، لتتأكد من أن الأداء يمزج بين الاحترام والمرح بشكل طبيعي، حتى لا يبدو تقليداً ميكانيكياً.

حقيقة قد لا تعرفها

قررت منى زكي عدم الاكتفاء بتقليد صوت أم كلثوم في الغناء خلال المشاهد. حيث شعرت أن هذا قد يتخطى حدود الكوميديا المقبولة إلى الانزياح عن الذوق. لذلك، اعتمدت على المؤثرات الصوتية المعالجة أو المقتطفات الأصلية في المشاهد التي تظهر فيها “الست” وهي تغني.

لماذا قبلت التحدي رغم صعوبته المخيفة؟

في سؤال مباشر عن سبب قبولها دوراً بهذه الخطورة، خاصة مع احتمال انتقاد البعض لتجسيد رمز بهذه القدسية في عمل كوميدي، أجابت منى زكي بأسباب مقنعة:

  • الحب الشخصي: تعتبر منى زكي من المعجبات الشغوفات بأم كلثوم، ورأت في هذا الدور فرصة لتقديم تحية فنية مختلفة لمن تعتبرها أعظم فنانة عربية.
  • تحدي الموهبة: كفنانة تبحث دائماً عن ما يطورها، رأت أن هذا الدور هو أقصى اختبار لمهاراتها التمثيلية وقدرتها على خوض مجالات جديدة.
  • ثقة الفريق: وجودها ضمن فريق عمل “الكبير أوي” بقيادة أحمد مكي، الذي تعرفه جيداً وتثق في حساسيته الفنية، أزال الكثير من مخاوفها من الوقوع في الخطأ.
  • رسالة ضمنية: أرادت أن تذكر الجمهور، وخاصة الشباب، بأم كلثوم بشكل جديد ومحبب، يفتح لهم باباً للتعرف على تراثها من خلال بوابة كوميدية خفيفة.

ردود الفعل: بين الإعجاب والتحفظ

عندما ظهرت الحلقة، تنوعت ردود الفعل كما كان متوقعاً، لكنها في المجمل كانت إيجابية:

  • أشاد النقاد والجمهور بذكاء الأداء وقدرة منى زكي على التقاط الروح دون الوقوع في المبالغة أو الكاريكاتير.
  • اعترض بعض المحافظين والمتشددين على فكرة تجسيد أم كلثوم في عمل كوميدي من الأصل، معتبرين أن رمزاً بهذه العظمة يجب أن يبقى بعيداً عن الدعابة.
  • خلقت الشخصية موجة من المنشورات والمقاطع المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي، مما أعاد الأضواء إلى تراث أم كلثوم للأجيال الجديدة.
  • اعتبر الكثيرون أن منى زكي نجحت في المشي على حبل مشدود بين الكوميديا والاحترام، وهو أصعب ما في المهمة.

خاتمة: درس في إتقان الفن

قصة منى زكي مع دور أم كلثوم تقدم درساً لأي فنان: أعظم الإنجازات تأتي من أكبر التحديات. لم تبحث عن دور سهل أو شخصية مألوفة، بل غامرت وذهبت إلى المنطقة التي يخاف منها الآخرون. استعدادها العميق واحترامها للرمز الذي تجسده، ثم جرأتها على تقديمه بزاوية جديدة، هو ما حوّل هذا التحدي إلى لحظة فنية لا تنسى في مسلسل أصبح جزءاً من التراث الكوميدي العربي أيضاً.

في النهاية، تثبت منى زكي أن الفنان الحقيقي لا يخشى السير على أرض صعبة، بل يجعل منها منصة يقدم منها فناً راقياً يلامس القلب ويثير العقل، ويترك بصمة تذكر له.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى