
أصدرت عملاقا التكنولوجيا شركة أبل وشركة جوجل تحذيرات أمنية عاجلة ومتزامنة خلال الأيام الأولى من ديسمبر 2025، حيث حذرتا مستخدميهما في جميع أنحاء العالم من تعرضهم لهجمات إلكترونية متطورة باستخدام برامج تجسس تجارية خطيرة. كشفت أبل أنها أرسلت إخطارات التهديد هذه لمستخدمي أجهزة آيفون في أكثر من 150 دولة بشكل تراكمي منذ عام 2021، في حين حددت جوجل قائمة بعدد من الدول التي استهدفتها الهجمات الأخيرة، وشملت القائمة مصر والسعودية.
خلاصة الحدث
- الجهتان المصدرتان: شركة أبل (Apple) وشركة جوجل (Google).
- نوع التهديد: هجمات ببرامج تجسس تجارية متطورة وممولة جيداً (Mercenary Spyware).
- نطاق التحذير:
- أبل: أرسلت إخطارات للمستخدمين في أكثر من 150 دولة حول العالم.
- جوجل: حذرت “عدة مئات” من الحسابات في دول منها مصر، السعودية، باكستان، كازاخستان، أنغولا، أوزبكستان، وطاجيكستان.
- المصدر الرئيسي للبرامج الضارة: شركة إنتللكسا (Intellexa) المدرجة على القوائم السوداء الأمريكية والمعروفة ببرنامج التجسس “بريديتور” (Predator).
ما هي “برامج التجسس التجارية” ولماذا هي خطيرة؟
الهجمات التي حذرت منها الشركتان ليست فيروسات عادية أو محاولات قرصنة شائعة. إنها هجمات بـ“برامج تجسس تجارية” (Mercenary Spyware)، وهي أدوات مراقبة رقمية فائقة التعقيد والتكلفة.
- تطورها وتمويلها: تُطورها وتبيعها شركات خاصة (مثل إنتللكسا) للحكومات أو جهات ذات موارد كبيرة. تكلفة الهجوم الواحد قد تصل إلى ملايين الدولارات.
- قدراتها التخريبية: بمجرد اختراق الجهاز، يمكن لهذه البرامج الوصول إلى كل شيء: قراءة الرسائل المشفرة (مثل واتساب)، التنصت على الميكروفون والكاميرا، تتبع الموقع، وسرعة جميع البيانات.
- طريقة الاختراق: غالباً ما تستغل “ثغرات يوم الصفر” (Zero-day vulnerabilities)، وهي ثغرات أمنية غير معروفة للمصنّع، مما يجعل منعها صعباً. وقد تحدث من خلال هجوم “النقرة الصفرية” حيث يتم اختراق الجهاز دون أي نقر من المستخدم، مثل مجرد استقبال رسالة iMessage تحتوي على صورة ضارة.
من هم المستهدفون بشكل رئيسي؟
تؤكد أبل أن الغالبية العظمى من المستخدمين العاديين لن يكونوا هدفاً لهذه الهجمات بسبب تكلفتها الباهظة وتعقيدها. التركيز ينصب على فئات محددة، وهي:
- الصحفيون والمدونون الإعلاميون.
- المناصرون لحقوق الإنسان والنشطاء.
- القادة السياسيون والمسؤولون الحكوميون والدبلوماسيون.
- العاملون في المنظمات غير الحكومية (NGOs).
- أي فرد قد يكون عرضة لمراقبة دولة ما بسبب عمله أو موقفه.
دور إنتللكسا وبرنامج “بريديتور” التجسسي
ركز تحذير جوجل تحديداً على أنشطة شركة إنتللكسا (Intellexa) الإسرائيلية، وهي بائع معروف لبرامج التجسس التجارية ومطوّر برنامج “بريديتور” (Predator) الضار. وعلى الرغم من فرض عقوبات أمريكية على الشركة في عام 2024، إلا أن تقارير جوجل تشير إلى أنها لا تزال نشطة وتتجنب القيود، وتواصل بيع أدواتها الرقمية لأعلى المزايدين. وقد اكتشفت جوجل أن إنتللكسا مسؤولة عن تطوير 15 ثغرة فريدة من نوع “يوم الصفر” منذ عام 2021، مما يجعلها أحد أكثر المطورين نشاطاً في هذا المجال المظلم.
أبرز الدول التي ذُكرت في التحذيرات
حددت جوجل قائمة بعدد من الدول التي استهدفت حسابات مستخدميها بهجمات مرتبطة بإنتللكسا، ومن بينها دول عربية:
- مصر
- السعودية
- باكستان
- كازاخستان
- أنغولا
- أوزبكستان
- طاجيكستان
ماذا تفعل إذا تلقيت تحذيراً؟ ونصائح عامة للجميع
إرشادات أمنية من أبل وجوجل
إذا تلقيت إخطار تهديد رسمي من أبل:
- تصرف بجدية: إخطارات أبل تعتبر تنبيهاً عالي الثقة بأن جهازك كان مستهدفاً.
- لا تنقر على الروابط: التحذيرات الحقيقية من أبل لن تطلب منك أبداً النقر على رابط أو إدخال كلمة مرورك. يمكنك التحقق من صحة الإخطار بتسجيل الدخول إلى account.apple.com حيث سيظهر في أعلى الصفحة إذا كان حقيقياً.
- اطلب المساعدة المتخصصة: تنصح أبل المستهدفين بالاتصال بـخط المساعدة الأمني الرقمي (Digital Security Helpline) التابع لمنظمة “أكسيس ناو” (Access Now) للحصول على دعم فوري ومتخصص.
- فعّل “وضع الحصار” (Lockdown Mode): هذه الميزة المتقدمة في أجهزة آيفون تقلل بشكل كبير من أسطح الهجوم وتعطي حماية إضافية للأفراد المعرضين للخطر.
نصائح أمنية أساسية للجميع:
- حدث برامجك دائماً: حافظ على تحديث نظام التشغيل (iOS، Android) وجميع التطبيقات، خاصة المتصفحات، للحصول على آخر تصحيحات الأمان.
- استخدم كلمات مرور قوية وتفعيل المصادقة الثنائية (2FA): لحساباتك المهمة مثل حساب أبل أو جوجل.
- كن حذراً من الروابط والمرفقات: خاصة تلك المرسلة من أرقام أو حسابات غير معروفة، حتى لو بدت مألوفة.
- قم بتنزيل التطبيقات من المتاجر الرسمية فقط: مثل آب ستور أو جوجل بلاي.
الصورة الأكبر: معركة ضد صناعة مراقبة مظلمة
هذه التحذيرات ليست معزولة، بل هي جزء من جهد مستمر من قبل شركات التكنولوجيا لمجابهة صناعة برامج التجسس التجارية المزدهرة. يسلط هذا الحدث الضوء على التحدي العالمي المتمثل في وجود سوق سوداء تبيع أدوات قرصنة قوية تستخدم لاستهداف الصحفيين والمعارضين حول العالم. وتشارك شركات مثل جوجل في مبادرات دولية مثل “عملية بال مول” (Pall Mall Process) التي تهدف إلى وضع معايير وأطر عالمية للحد من انتشار وإساءة استخدام هذه التقنيات.










