
في قرار لم يكن مفاجئًا للكثيرين، لكنه ظل محط أنظار الجماهير العربية والعالمية، أعلن جورجي جيسوس المدير الفني لنادي النصر، عن استبعاد الأسطورة البرتغالية كريستيانو رونالدو من مواجهة الزوراء العراقي في إطار منافسات دوري أبطال آسيا 2. هذا القرار الذي علق عليه المدرب البرتغالي بشكل واضح خلال المؤتمر الصحفي، يضع الجماهير أمام حقيقة إدارة لاعب في مستوى عالمي مختلف، حيث تحكمه اعتبارات استراتيجية بعيدة المدى، تهدف للحفاظ على المارد البرتغالي لأشد المعارك ضراوة وأكثرها أهمية.
تفاصيل المؤتمر الصحفي: كلمة جيسوس الرسمية
في المؤتمر الصحفي الذي سبق المواجهة المرتقبة، بدا جورجي جيسوس واثقًا وواضحًا بشأن قراره. لم يترك مجالًا للتأويل أو التكهنات، حيث صرح قائلاً: “فكرت أن هذا الوقت هو الأنسب لمنحه راحة. كريستيانو يبلغ من العمر 40 عامًا الآن، وبالطبع نخشى من الإرهاق وتعرضه للإصابات. لهذا فضلت استبعاده من مواجهة الزوراء”.
هذا التصريح المباشر يؤكد أن القرار ليس عقابيًا أو مفاجئًا، بل هو جزء من خطة مدروسة بين الجهاز الفني ولاعبه النجم. وأضاف جيسوس معبرًا عن ثقته في بقية عناصر الفريق: “أنا سعيد جدًا بوجودي في العراق، الأجواء رائعة وأتمنى أن يكون الفريق في كامل جاهزيته لمباراة الغد.. اللاعبون متحمسون بشكل كبير لمواصلة الانتصارات، وكل عناصر النصر في أتم الاستعداد”.
تحليل القرار: لماذا الآن بالذات؟
أولاً: إدارة الحمل البدني للأسطورة
يبلغ رونالدو 40 عامًا، وهو عمر يتطلب إدارة حذرة ومحسوبة بدقة للحمل البدني والاستشفاء. مشاركته في كل المباريات دون راحة تعرضه لخطر الإرهاق، وربما الإصابة، وهو ما لا يمكن للنصر تحمله على المدى الطويل، خاصة في المنافسات المحلية والإقليمية الحاسمة. الخطة تبدو واضحة: الاحتفاظ بقدرات رونالدو الذهنية والبدنية لأوقات الذروة والقرار.
ثانيًا: السياق العام للموسم والبطولة
يدخل النصر هذه المباراة وهو في حالة ممتازة محليًا، حيث يتصدر دوري روشن السعودي بالعلامة الكاملة (12 نقطة) بعد أربع جولات. كما بدأ مشواره في دوري أبطال آسيا 2 بداية قوية، بتغلبه على استقلال دوشنبه بخماسية نظيفة. هذا الأداء يمنح الفريق هامشًا من الأمان ويرفع من درجة ثقة الجهاز الفني في قدرة بقية اللاعبين على تحقيق نتيجة إيجابية حتى في غياب قائدهم.
ثالثًا: خطة مسبقة وليست رد فعل
كشفت تقارير صحفية أن رونالدو والجهاز الفني اتفقا مسبقًا على أن يغيب النجم البرتغالي عن المباريات التمهيدية في البطولة الآسيوية، على أن يكون حاضرًا وبقوة في الأدوار الحاسمة والمتقدمة، مثل الأدوار الإقصائية وربما النهائي. هذا يعني أن غيابه عن مباراة الزوراء ليس الأول، فهو لم يشارك أيضًا في الجولة الأولى ضد استقلال دوشنبه.
ردود الفعل: من خيبة الأمل إلى تفهم الحكمة
جماهير العراق: حلم مؤجل
أثار غياب رونالدو خيبة أمل كبيرة بين جماهير الزوراء والكرة العراقية بشكل عام، والتي كانت تتشوق لمشاهدة أحد أعظم لاعبي العالم على أرضيتها عن قرب. ويعيد هذا الغياب للأذهان مشهدًا مشابهًا وقع في نسخة 2023 من البطولة، عندما غاب “الدون” أيضًا عن مواجهة الفريقين على ملعب كربلاء الدولي.
نظرة الخصم: التركيز على الفريق وليس الأفراد
من جانبه، أبدى عبد الغني شهد، مدرب الزوراء، تفهمًا للموقف، قائلاً: “لا شك أن رونالدو نجم عالمي ووجوده يضفي قيمة خاصة لأي مباراة، لكن تركيزنا سيكون على النصر كفريق كامل يضم أسماء مميزة”. هذا التصريح يؤكد أن الفريق العراقي، رغم إدراكه للقيمة الإعلامية والجماهيرية لرونالدو، إلا أنه يفضل التركيز على مواجهة النصر ككيان جماعي وليس مجرد فريق به نجم واحد.
بدائل رونالدو: من سيتولى قيادة الهجوم؟
غياب رونالدو يفتح الباب على مصراعيه أمام نجوم النصر الآخرين لإثبات ذاتهم وتحمل المسؤولية. الفريق لا يعاني من نقص في الأسماء القادرة على صناعة الفارق، حيث تضم قائمته للمباراة مجموعة من النجوم العالميين مثل:
- ساديو ماني
- مارسيلو بروزوفيتش
- كينجسلي كومان
- جواو فيليكس
هذا التنوع الهجومي يمنح المدرب جيسوس مرونة تكتيكية كبيرة، ويضمن أن غياب رونالدو، رغم أهميته، لن يعني شللًا في خط الهجوم.
خلاصة: قرار إستراتيجي بامتياز
قرار استبعاد رونالدو من مباراة الزوراء هو قرار إستراتيجي بحت، وليس لهزيمة أو استهانة بالمنافس. إنه قرار يُظهر حرفية وإدارة عالية من قبل جورجي جيسوس وإدارة النصر، حيث يضعون مصلحة الفريق واللاعب على المدى البعيد فوق أي ضغوط جماهيرية أو إعلامية.
إنها رسالة واضحة مفادها أن النصر ليس مجرد رونالدو، بل هو مشروع جماعي متكامل، يضم مجموعة من النجوم القادرين على قيادة الفريق نحو أهدافه في جميع البطولات. الجماهير يمكن أن تطمئن؛ فأسطورتهم محفوظة بعناية، وسيعود في الوقت المناسب ليقود المعارك الكبرى التي تنتظر الفريق في رحلته الطموحة هذا الموسم.
ملاحظة: تمت كتابة هذه المقالة بناءً على المعلومات الواردة في المؤتمر الصحفي لجورجي جيسوس والتقارير الإخبارية الموثوقة حتى تاريخ 1 أكتوبر 2025.