في مشهد يعكس ثقة متجددة وروحًا تفاؤلية ضمن المستثمرين، أنهى السوق المالية السعودية (تداول) جلسة يوم الثلاثاء 30 سبتمبر 2025 على ارتفاع ملموس، حيث صعد المؤشر العام “تاسي” بنسبة 0.6% ليغلق عند مستوى 11503 نقاط، مسجلاً أعلى إغلاق منذ مايو 2025 وسط تداولات قوية بلغت قيمتها الإجمالية نحو 7.8 مليار ريال. هذا الأداء يعزز المسار الصاعد للسوق ويؤكد عودة السيولة بشكل لافت، مما يفتح الباب أمام توقعات بمزيد من المكاسب خلال الفترة المقبلة.
تفاصيل أداء الجلسة: قراءة في الأرقام
لتحليل الصورة بشكل كامل، من المهم فهم حركة المؤشر خلال الجلسة. فقد افتتح تاسي الجلسة عند مستوى 11439 نقطة، ليصارع بعدها نحو الأعلى مسجلاً أعلى مستوى له عند 11555 نقطة، بينما حافظ على دعم قوي عند مستوى 11425 نقطة طوال الجلسة. هذا النطاق الضيق للتداول فوق مستويات الدعم المحورية يشير إلى هيمنة واضحة للمشترين.
كميات التداول كانت أيضاً دليلاً على النشاط الملحوظ، حيث بلغت كمية الأسهم المتداولة نحو 394 مليون سهم، فيما ارتفعت القيمة السوقية الإجمالية للأسهم السعودية لتصل إلى 9.3 تريليون ريال، مما يعكس الزخم الشرائي والقوة التي يتمتع بها السوق في مرحلته الحالية.
أبطال الصعود: من قاد موجة الارتفاع؟
كان لعدد من القطاعات والشركات دور محوري في دفع المؤشر نحو الأعلى، حيث شهدت الجلسة أداءً متفاوتاً لكنه إيجابي في مجمله.
قادة الارتفاع البارزين
- القطاع المصرفي يقود المشهد: تصدر مصرف الراجحي و البنك الأهلي السعودي قائمة الداعمين للمؤشر، حيث ارتفع سهم الراجحي بنسبة 1.8% ليصل إلى 107.20 ريال، بينما صعد سهم الأهلي بنسبة 1.77% إلى 39.18 ريال. هذا الأداء القوي للقطاع المصرفي يأتي مدعوماً بأنباء عن ارتفاع نسبة ملكية المستثمرين الأجانب في بعض هذه البنوك.
- بترو رابغ.. النجم الصاعد: كان سهم بترو رابغ الأكثر تألقاً في الجلسة، حيث قفز بنسبة 6.65% ليغلق عند 7.38 ريال وسط تداولات بلغت نحو 8 ملايين سهم. هذا الصعود جاء على خلفية موافقة الجمعية العمومية غير العادية للشركة على زيادة رأس المال بقيمة 5.3 مليار ريال تقريباً من خلال طرح خاص للمساهمين المؤسسين، وهي خطوة استراتيجية تهدف إلى تعزيز المركز المالي للشركة وسداد جزء من ديونها.
- شركات أخرى على موعد مع الصعود: شهدت أسهم شركات أخرى مكاسب ملحوظة، حيث صعدت معادن، وأكوا باور، وسليمان الحبيب، واتحاد اتصالات، وبي إس إف، ومسار، وينساب بنسب تراوحت بين 1% و 3%.
تراجعات محدودة في ظل بيئة صاعدة
في المقابل، شهدت بعض الأسهم تراجعاً محدوداً لم يؤثر على الاتجاه العام الإيجابي للسوق. جاء سهم أرامكو السعودية على رأس القائمة المنخفضة، حيث تراجع بنسبة 1.48% ليغلق عند 24.62 ريال. كما تراجعت أسهم مثل السيف غاليري، مبكو، الأبحاث والإعلام، ريدان، وأنابيب الشرق بنسب طفيفة.
جدول يوضح أداء أبرز الأسهم في الجلسة:
| اسم السهم | السعر (ريال) | التغير (%) | ملاحظات |
|---|---|---|---|
| بترو رابغ | 7.38 | +6.65% | بفضل زيادة رأس المال |
| مصرف الراجحي | 107.20 | +1.80% | محرك رئيسي للمؤشر |
| البنك الأهلي | 39.18 | +1.77% | محرك رئيسي للمؤشر |
| أرامكو السعودية | 24.62 | -1.48% | تراجع طفيف |
| سابك | 61.55 | -0.32% | تراجع طفيف |
لماذا يصعد تاسي؟ تحليل الدوافع وراء المشهد الإيجابي
هناك عدة عوامل متشابكة تقف خلف هذا الأداء القوي للسوق السعودي، يمكن إيجازها في النقاط التالية:
- عودة السيولة وثقة المستثمرين: يشير تحليل الخبراء إلى أن عودة السيولة بشكل ملحوظ كانت المحرك الأساسي، حيث تدفقت استثمارات جديدة دفعت المؤشر لاستعادة مستويات 11500 نقطة بعد فترة من التداولات الجانبية. بلغت قيمة التداولات 7.8 مليار ريال، وهو مستوى يعكس نشاطاً جيداً ويعزز ثقة المستثمرين.
- تحسن شهية المخاطرة: يرى محللون ماليون أن السلوك السعري خلال الجلسات الأخيرة يشير إلى تحسن واضح في شهية المخاطرة لدى المستثمرين، مع عودة جزئية للأموال من أسواق الدخل الثابت إلى سوق الأسهم.
- التوقعات الإيجابية للمستثمرين الأجانب: تُظهر البيانات ارتفاعاً في نسبة ملكية المستثمرين الأجانب في عدد من الشركات السعودية، حيث قفزت ملكيتهم في سهم مثل “مصرف الراجحي” من 14.58% إلى 14.76%، مما ينبئ بدخول استثمارات أجنبية جديدة قد تتراوح بين خمسة إلى ستة مليارات دولار للسهم.
- الدعم الفني واختراق المستويات الحرجة: من الناحية الفنية، يُعتبر تمكن المؤشر من الاستقرار فوق مستوى 11000 نقطة إنجازاً مهماً. وقد أشارت التحليلات الفنية السابقة إلى أن التماسك فوق هذا المستوى يفتح الباب لموجة صعود جديدة تستهدف 11500 نقطة كهدف أول، وهو ما تحقق بالفعل في جلسة اليوم، مع إمكانية استهداف مستويات أعلى لاحقاً.
ماذا عن السوق الموازية “نمو”؟
لم يقتصر الأداء الإيجابي على السوق الرئيسية فحسب، بل امتد ليشمل السوق الموازية “نمو”، حيث أغلق مؤشر “نمو” مرتفعاً بنسبة 0.2% عند مستوى 25472 نقطة. وبلغت قيمة التداولات في “نمو” 44.2 مليون ريال من خلال تداول نحو 5.4 مليون سهم، فيما ارتفعت أسهم 46 شركة مقابل انخفاض 43 شركة من أصل 126 شركة مُدرجة.
الخاتمة: نظرة على المستقبل
إغلاق تاسي فوق 11500 نقطة بتداولات قوية يقارب حجمها 8 مليارات ريال هو رسالة قوية للمستثمرين. يعزز هذا الأداء الثقة في متانة السوق السعودي وقدرته على جذب الاستثمارات، خاصة مع التحسن الملحوظ في معنويات المستثمرين المحليين والأجانب على حد سواء.
في ضوء المعطيات الحالية، يتوقع خبراء مثل محمد زيدان، المحلل المالي في “الشرق”، أن يكون متوسط المستهدف السعري للسوق حالياً هو 12400 نقطة في 2025، مع إمكانية العودة إلى مستوى 14000 نقطة في ظل استمرار المعطيات الإيجابية الحالية. بينما يبقى المراقبة الدقيقة لمستويات الدعم والمقاومة الفنية، وكذلك تطورات السيولة والتدفقات الاستثمارية، هي العوامل الحاسمة للاتجاه القادم.
ملاحظة للمحرر: تمت كتابة هذه المقالة بناءً على بيانات السوق الرسمية حتى 30 سبتمبر 2025، ويمكن تحديثها مع نهاية كل جلسة تداول. يوصى بإضافة رسوم بيانية أو مخططات لزيادة وضوح التحليل عند النشر.
