
كشفت الدراسات النفسية أن بكاء المرأة أثناء العلاقة الحميمة قد يكون لغة عاطفية معقدة تتراوح بين ذروة السعادة وذروة الألم، حيث تعبر من خلاله عن مشاعر متدفقة لا تستطيع السيطرة عليها، في ظاهرة أطلق عليها الأطباء اسم “خلل البكاء” أو “البكاء الجنسي”.
تشير الأبحاث العلمية إلى أن 45% من النساء يعانين من نوبات بكاء أثناء أو بعد العلاقة الحميمة في مرحلة ما من حياتهن، وفقاً للجمعية الدولية للطب الجنسي. هذه الظاهرة التي حيرت الكثير من الأزواج، تحمل في طياتها تفسيرات نفسية وفسيولوجية عميقة، تظهر أن المرأة جسدياً ونفسياً لا تستطيع الفصل بين واقعها والممارسة في لحظتها كما يفعل الرجل.
البكاء كتعبير عن النشوة والانفراج النفسي
قد يكون بكاء المرأة أثناء الممارسة أشبه بانفراج نفسي، تعبر من خلاله عن سعادتها بقربها من زوجها وعدم وجود مشكلات لديها في التعبير عن نشوتها. هذا النوع من البكاء الإيجابي يحدث نتيجة اندفاع المشاعر بعد ممارسة العلاقة الحميمة مباشرة، ما يجعل المرأة أكثر رغبة في البكاء، حتى إن كان الجماع تجربة ممتعة ومرضية لها.
في هذه الحالة، يكون البكاء بمثابة تفريغ للطاقة الإيجابية المتراكمة، حيث تختلط مشاعر الحب والوصول للنشوة في آن واحد. هذا المزيج العاطفي الفريد يجعل الجسم يستجيب بالبكاء كتعبير طبيعي عن ذروة المشاعر الإيجابية.
الأسباب النفسية المؤلمة وراء الدموع
في الجانب المعاكس، قد يكون البكاء خلال العلاقة الجنسية أمراً يدل على عدم سعادة المرأة ورضاها عن هذه العلاقة. ومن الأسباب النفسية الرئيسية:
- الصدمات السابقة: قد يكون بكاء المرأة مرتبطاً بالصدمات المتعلقة بالتحرش والاعتداء الجنسي التي تعرضت لها في وقت سابق ولا يزال أثرها يتجدد في كل مرة يتم فيها الجماع
- الاكتئاب والقلق: أظهرت دراسة أجريت عام 2019 أن الاكتئاب من العوامل التي تدفع المرأة للبكاء بعد ممارسة العلاقة الحميمة، خاصة إذا كانت غير مواظبة على تناول الأدوية الموصوفة من قبل الطبيب
- الشعور بالوحدة: قد تشعر المرأة بالوحدة والعزلة حتى أثناء وجودها مع شريكها، مما يدفعها للبكاء كتعبير عن هذا الشعور العميق بالفراغ العاطفي
الأسباب الجسدية والألم الخفي
قد يكون سبب بكاء المرأة خلال العلاقة الحميمة ناجماً عن بعض الألم الجسدي الذي تشعر به أثناء الممارسة. ومن أبرز هذه الأسباب:
- عسر الجماع: يبلغ معدل انتشار عسر الجماع بين النساء اللاتي تتراوح أعمارهن بين 16 و74 عاماً حوالي 7.5%
- جفاف المهبل: يحدث جفاف منطقة المهبل نتيجة لخلل في نسبة هرمون الأستروجين لدى السيدات
- الالتهابات المهبلية أو التهاب بطانة الرحم: وهي حالات تسبب آلاماً غير محتملة أثناء الممارسة
- التغيرات الهرمونية: خاصة أثناء الحمل أو بعد الولادة أو عند اقتراب موعد الدورة الشهرية
التغيرات الكيميائية في الجسم والدماغ
بعد بلوغ النشوة الجنسية، يشهد الجسم انخفاضاً ملحوظاً في مستويات هرموني الدوبامين والأوكسيتوسين، مما يؤدي إلى تقلب المزاج والشعور بالحزن. هذه التغيرات الهرمونية والعصبية التي يتعرض لها الجسم أثناء الجماع، تجعله يقوم بالتنفيس عنها عن طريق دموع العين كرد فعل بيولوجي طبيعي.
كيف يجب أن يتعامل الزوج مع هذه الحالة؟
توصي الأخصائية النفسية ليزا جونز الرجل بعدم الغضب من ردة الفعل العاطفية هذه عند المرأة، وعدم إدارة ظهره لها بسبب الاعتقاد أنها غير سعيدة معه أو لا تحبه. بل على الرجل أن:
- يفهم طبيعة المرأة العاطفية ويقدر مشاعرها سواء كانت دموع سعادة أو حزن
- يساعد زوجته في التعرف على كيفية ممارسة العلاقة الحميمة بشكل مريح لها
- يتجنب العنف عند ممارسة العلاقة الحميمة، حتى لا تتأذى الزوجة
- يلجأ إلى المداعبة قبل الجماع
- يتحدث مع زوجته ويشاركها المشكلات التي تواجهها والوصول إلى حل يرضيها
خلاصة تفسير البكاء أثناء العلاقة الحميمة
نوع البكاء | الأسباب الرئيسية | كيفية التعامل |
---|---|---|
بكاء إيجابي | انفراج نفسي – نشوة عاطفية – مشاعر حب قوية | التقبل – الاحتواء – المشاركة العاطفية |
بكاء سلبي | آلام جسدية – صدمات سابقة – اكتئاب وقلق | الاستماع – الدعم – استشارة متخصصين |
بكاء هرموني | تغيرات كيميائية في الدماغ – تقلبات مزاجية | التفهم – الصبر – عدم التأويل |
بكاء المرأة أثناء العلاقة الحميمة هو لغة جسدية معقدة تحتاج من الزوج أن يكون قارئاً جيداً لمشاعر زوجته، لا حكماً عليها. الفهم العميق لهذه الظاهرة يمكن أن يكون جسراً للوصول إلى علاقة زوجية أكثر نضجاً واستقراراً، حيث يكون التواصل العاطفي هو الأساس المتين للتقارب الجسدي.