حكم التصرف في ملابس المتوفي: بين الشرع والبدع

يتساءل الكثيرون حول مصير ملابس المتوفي والعادات المتوارثة بشأنها، خاصة ما يُشاع عن ضرورة التخلص منها قبل مرور أربعين يومًا على الوفاة. تختلط المشاعر بالأحكام الشرعية في هذه المسألة الحساسة. نستعرض في هذا المقال الإجابات الشرعية الواضحة من علماء الدين، لنميز بين الصحيح والبدع، ونساعد في تقديم الدعم الصحيح لأهل الفقيد.

لا يوجد في الشرع الإسلامي نص يوجب التخلص من ملابس المتوفي، سواء بالحرق أو غيره، قبل مرور أربعين يومًا أو غيرها. فجميع متعلقاته الشخصية تعتبر جزءًا من تركته، التي تنتقل إلى ورثته الشرعيين.

ويحق للورثة التصرف في هذه الملابس بعدة طرق مشروعة، كالقسمة بينهم، أو لبسها، أو بيعها، أو حتى التصدق بها على المحتاجين طلبًا للأجر. ويشترط للتصدق أن يكون الورثة بالغين عاقلين، فلا يصح التصرف في نصيب القاصر دون إذن.

أما مسألة الاحتفاظ بملابس المتوفي للذكرى، فجمهور العلماء يرى كراهة ذلك، لأنه إهدار للمال الذي يمكن أن يعود بالنفع على الأحياء. وقد يصل إلى درجة التحريم إذا قصد بهذا الاحتفاظ التبرك بتلك الملابس، وهو أمر لا أصل له في الدين.

وتؤكد دار الإفتاء المصرية أن ما يشاع عن ضرورة الخروج عن هذه الملابس قبل الأربعين “ليس شرعاً ولا سنة، ولا أصل له”. فالأصل هو الحكمة والتصرف الاقتصادي الرشيد.

أما بالنسبة لذكرى الأربعين، فبيّنت دار الإفتاء أن إحياءها بمجرد قراءة القرآن أو إطعام الطعام وإهداء الثواب للميت أمرٌ جائز لا حرج فيه. لكن المكروه هو تجديد المآتم وإعلانها وكل ما يؤدي إلى إعادة الأحزان وإثارة المشاعر مرة أخرى، خاصة أن مدة التعزية الشرعية هي ثلاثة أيام فقط.

وأخيرًا، يجب التنبه إلى أن التركة لها حقوق متعددة يجب أن تؤدى بالترتيب. أولها تجهيز الميت من تغسيل وتكفين ودفن دون إسراف أو تقتير. يلي ذلك سداد ديونه، ثم تنفيذ وصيته في حدود الثلث، وأخيرًا توزيع الباقي على الورثة وفقًا للفرائض الشرعية.

الموت قدر محتوم، وشرعنا الحنيف جاء ليخفف عنا وليس ليزيد أعباءنا. قبل أن تتبع عادة متوارية، تأكد من حكمها الشرعي. استشر أهل العلم الموثوقين في أمور دينك، وتصرف في تركة أحبائك بما يرضي الله ويرحمهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى