لطيف بشكل زائد، يعد الشعور بعدم الراحة الاجتماعية شيئاً شائعاً للغاية، ويمكن أن يظهر في مختلف المواقف، مثل مفاوضات الرواتب أو المحادثات القصيرة التي تخللها فترات من الصمت المحرج.
تقول تيسا ويست، وهي عالِمة نفس اجتماعية، إن معظم الأشخاص سوف يواجهون في وقت ما تجربة يشعرون فيها بعدم الارتياح. وخاصة في أماكن العمل، حيث تتكرر هذه المواقف بشكل يومي. وأضافت: “يتبع أغلب الأفراد أسلوباً بسيطاً لتخفيف شعورهم بعدم الراحة: نبتسم بأقصى جهد. ونضحك (حتى عندما لا يكون هناك ما يستدعي الضحك). ونسعى جاهدين لإقناع من حولنا بأن التفاعل معنا إيجابي. أنا شخص لطيف”.
أن تكون لطيف في بيئة العمل مشكلة
هناك مفارقة مؤسفة، فكلما حاولنا استخدام اللطف كوسيلة لإخفاء قلقنا، يصبح من السهل على الآخرين أن يدركوا حقيقتنا. يمتلك البشر قدرة عالية على التقاط المشاعر التي تظهر عبر سلوكياتنا غير اللفظية، مثل نبرات الصوت. ونعتقد أننا نخفى قلقنا من خلال إلقاء المجاملات الكثيرة، ولكن عندما تكون هذه المجاملات مصحوبة بابتسامات غير صادقة. لا يأخذها أحد على محمل الجد. نميل كثيراً إلى كبح مشاعر عدم الارتياح لدينا من خلال تقديم تعليقات عامة لا تفيد. مثل تلك العبارات المجانية مثل “أحسنت!”، وغالباً ما يكون هذا النوع من الثناء غير مبرر.
الإفراط في ردود الأفعال الإيجابية قد يعكس عدم اهتمامك. ومع مرور الوقت، يصبح الشخص الذي يستقبل هذه التعليقات مشكوكاً فيك. يحتاج إلى معلومات دقيقة تساعده فعلاً على تحسين أدائه.
ماذا يمكنك أن تفعل بدلاً من ان تكون لطيف
الكثير من الأشخاص يعملون في بيئات تعتبر اللطف المفرط ثقافة سائدة. إليك ثلاث طرق يمكنك من خلالها تغيير هذه الثقافة إلى بيئة يُثمن فيها الردود الصادقة والبناءة.
1- اسأل عن “ثقافة اللطف”اسأل نفسك: هل يستمتع الأشخاص من حولي بهذه الثقافة المُبالغ فيها من اللطف. أم أنهم يقومون بذلك فقط لأن الجميع يفعل ذلك تعد الأعراف الاجتماعية محركاً أساسياً لبعض التصرفات. وكلما اعتمد الوافدون الجدد بسرعة على هذه الأعراف. شعروا بأنهم “متأقلمون”. إذا لاحظ الوافد الجديد أن الجميع يمتدحونه بعد عرض لم يكن بالمستوى المطلوب، فسيقوم بنفس الشيء. إذا لم يتحد أحد هذه السلوكيات بشكل صريح، ستظهر النتائج المعروفة لدى علماء النفس الاجتماعي باسم “الجهل التعددي”، حيث يعتقد الجميع أن الآخرين يقدمون تعليقات لطيفة جداً فقط من باب المجاملة، لكن في الخفاء.
ابدأ محادثة حول التغيير.
اكتشف مشاعر الناس الحقيقية تجاه ثقافة اللطف. إحدى الطرق لذلك هي اقتراح بدائل.قبل العرض المقبل، على سبيل المثال، يمكنك أن تسأل الزملاء: “كيف سيكون شعورنا إذا كتب كل واحد منا 3 أمور محددة يمكن تحسينها و3 أشياء محددة يجب أن نستمر في القيام بها بعد العرض؟”.
2- كن دقيقاً ومحددًامن الطبيعي أن نعتمد على سلوك الآخرين لتكوين انطباعات عنهم. فعلى سبيل المثال، قد نحكم على شخص يتأخر بانتظام بأنه غير منضبط. لكن غالباً ما تكون هذه الانطباعات عامة جداً بحيث لا تفيد، حتى لو كانت إيجابية.احرص على إعطاء تعليقات دقيقة تستند إلى سلوكيات محددة. بقدر ما تستطيع تحديد المشكلة بشكل دقيق، ستكون ملاحظاتك أكثر نفعاً. وينطبق الأمر نفسه على الثناء. عندما تخبر شخصاً ما بدقة بما قام به بشكل جيد أو لماذا كان عمله متميزاً، ستبدو أكثر صدقاً وستكون ملاحظاتك ذات قيمة أكبر.
3- ابدأ بخطوات صغيرة ومحايدةقد تبدو عملية التحول من ثقافة التعليقات المبالغ فيها إلى ثقافة التصريحات الصادقة وكأنها قفزة كبيرة.ابدأ بخطوات صغيرة، مثل اختيار مواضيع عادية لا تزال تثير اهتمام الناس. الهدف هو تطوير مهارة تلقي الردود دون أن تثير قلق أحد. بهذا الشكل، عندما تنتقل إلى مواضيع أكثر صعوبة، ستبدأ المعايير المتعلقة بالصدق بالتغير بشكل تدريجي.كن صبوراً أثناء محاولتك تغيير الثقافة من حولك. فالمعايير تحتاج إلى وقت طويل لتتشكل، ووقت طويل للتغيير. .